استراتيجية بناء القيم

دور الاسرة في تعزيز القيم

تبرز اليوم أهمية القيم، من أجل الحفاظ على الهوية الخاصة بكل مجتمع في ظل ما يتهددها من أخطار العولمة، ومؤسساتها، وهذا لا يعني أن الحل يكمن في الانكفاء على الذات، والابتعاد عن العالم الذي أصبح في ظل العولمة قرية صغيرة، إنما يعني إكساب المناعة لكل فرد من خلال تربيته تربية وطنية تركز على تزويده بالمعارف، والقيم، والمبادئ والمهارات التي يستطيع بها التفاعل مع العالم المعاصر دون أن يؤثر ذلك على شخصيته وقيمه.

 هناك العديد من المؤسسات التي تعمل على تشكيل وتنمية القيم عند الفرد كالأسرة، و المسجد، والمدرسة، ووسائل الإعلام، إلا أن الأسرة والمدرسة تعتبران أهم المؤسسات في إعداد الأجيال.

وفي هذا المقال سنكتفي بالتحدث عن دور الأسرة في ترسيخ القيم البانية والاستراتيجيات التي يجب أن يتبناها الآباء من أجل تربية جيل متماسك يتقاسم منظومة قيم بانية.

الأسرة

وجب التذكير بالمقصود بالقيم فمن المسلمات المتفق عليها أن القيمة نتيجة لواقع التربية الأسرية الصحيحة، وبهذا يكون دور الأسرة كبير في تنمية القيم التي تؤدي إلى حب الانتماء للوطن، حب للبلد، وللأرض، وللشعب، وفخر بالتراث والحضارة، وتتجلى مظاهرها في الالتزام بالحقوق والواجبات، واحترام القوانين السائدة في الوطن والعمل على حمايته، والدفاع عنه وقت الأزمات بكل غال ونفيس، حرصا على تماسكه، ووحدته، واستمرارية بقائه وسلامته، وعملا على نمائه وتقدمه، ويمكن القول بأن الفرد يكتسب هذه القيم من داخل الأسرة وبالأخص الأبوين الذين يعملان على تنمية القيم النبيلة بداخله. ويمكن تحصيل كل هذا عن طريق إعداد الأطفال لأن يكونوا مواطنين صالحين متمسكين بعقيدتهم الإسلامية وقيمهم النبيلة، كما يتوجب على الآباء اغتنام كل فرصة للحديث المباشر مع الأبناء حول القيم الصالحة، و تنشئة الأبناء على العادات الصحيحة للمواطن المخلص لوطنه، واحترام قواعد وأنظمة الأمن والسلامة، وأن يبينوا لهم بالأمثلة والشواهد المقربة إلى عقولهم بأن هذه الأنظمة والقوانين إنما وضعت لحفظ سلامتنا والحفاظ على مصالحنا وحقوقنا ولتيسير شؤوننا الحياتية. وللآباء كذلك دور أساسي في غرس حب الوطن والقيم السامية في نفوس الأطفال ليزدادوا اعتزازا به مع العمل من أجل تقدمه وإعلاء شانه.

 تعزيز ثقافة الحوار والمشاركة والتسامح مع الاختلاف هي من القيم البانية التي يجب علينا تمكين أطفالنا منها. بحيث ستسمح لهم بالتعايش في مجتمع يسود فيه السلم والسلام.

وتجدر الإشارة هنا إلى ان القيم هي الجانب الفعلي لتنشأة الفرد التنشأة الصحيحة، فلا وطنية جيدة، بدون قيم جيدة بحيث  يكتسب الفرد القيم الأساسية من خلال أسرته أولاً، ثم من مدرسته ، ثم من مجتمعه بأكمله حتى يشعر الفرد بأنه جزء من الكل.

ومن بين أهم الوسائل التي يجب أن تعتمدها الأسر من أجل بناء القيم السليمة لدى أبنائها:
أ- تنمية اتجاهات التفاهم والأخوة والتعاون التي يجب أن تسود الناس
ب- تعزيز ثقافة المشاركة والحوار والتسامح والتعايش مع الآخرين
ج- تدريب الأطفال على أداء واجباتهم والتمسك بحقوقهم
د- تقدير المصلحة العامة للوطن، وتقديمها على المصلحة الخاصة

ecole-marocaine-2013-09-20ومن هنا نخلص إلى أنه يجب على الأسرة تنمية القيم النبيلة في نفوس أطفالها من خلال السلوكيات والممارسات العملية الدالة على حب الوطن، والانتماء له  مع العمل على نشر مفاهيم القيم وما يتعلق بها من معارف، ومبادئ ومهارات في سائر المقررات الدراسية، ولا سيما أن أساس الوطنية والمواطنة وما يتضمناه من حقوق وواجبات هو (الشريعة الإسلامية ). بدون أن ننسى أن المدرسة كذلك هي بيئة ناجحة لممارسة القيم السليمة فيتدرب التلاميذ على مناقشة القضايا التي تهمهم، واتخاذ القرارات المناسبة ومعالجة الاختلاف في الرأي بينهم، والتعامل مع المخالفين.

وتبقى هاتين المؤسستين أساسيتين في غرس القيم النبيلة في نفوس الأطفال ، بالقول والفعل عن طريق المسابقات الثقافية، والألعاب الممتعة، وبكل ما يمكن أن يوصل إلى ذلك الهدف النبيل ليعتز الناشئون بقيمهم، ويبذلوا النفس والنفيس في سبيل حماية الوطن ومنظومة القيم.

كخلاصة للموضوع يمكن القول بأن تربية الأطفال على القيم والمبادئ السامية لا يمكن أن تتحقق على الوجه الأكمل إلا بوجود تعاون وثيق بين الأسرة والمدرسة، ويتطلب ذلك التنسيق والتكامل مع المؤسسات الأخرى ذات الصلة التربوية التي يتعرض لها المواطن كوسائل الإعلام، والصحف والمجلات، ووسائل الترفيه، والتفاعل مع الآخرين، فالبيئة والمجتمع اليوم معلم أساسي يزاحم المدرسة وبالتالي فإن أي تعلم أو خبرة يحصل عليها الطفل من المدرسة لا يمكن أن تحقق أهدافها ما لم يكن هناك تفاعل وتعاون وتنسيق بين الأسرة والمدرسة والمجتمع بهدف تعزيز وتأكيد الخبرات المكتسبة ومنها القيم النبيلة التي تعمل على رفعة الوطن والمجتمع.

Yassine SOUIDI

أضف تعليق

انقر هنا لإضافة تعليق