استشارات وتوجيهات

إحساسي بالاكتئاب دفعني للإنتحار

  • * الإستشارة :

فتاة تبلغ في العمر27 سنة، تقول أنها تعرضت للعديد من الانتهاكات النفسية والجسدية في طفولتها من طرف أبناء الجيران، والمعلمين وهو ما أثر على نفسيتها وجعلنها تفكر في الانتحار، وقد سبق وأن حاولت قتل نفسها من قبل. حاليا، تقول أنها تراودها نفس الأفكار عن الموت وعدم الرغبة في الحياة، وتشعر بالفراغ وليس لها أي دراية بالمستقبل. تأكد أن كل لحظة تمر تتخيل نفسها تموت وفي كل مرة بسيناريو مختلف. علاقتها مع أفراد أسرتها ليست على ما يرام بسبب انعزالها ونظرتها التشاؤمية.

  • * إجابة المتخصص:

يمكن وصف هذه الحالة التي تصف هذه الشابة بنوع من أنواع الاكتئاب وهو مرض معروف يصيب العديد من الناس ولكن أسبابه مختلفة وكثيرة؛ إلا أن النتيجة النهائية لهذا المرض هي الإصابة باحتقار الإنسان لنفسه، والانعزال والانطواء بعيداً عن الناس، ومن ثم شعور الشخص بأن موته خير من حياته.

والاكتئاب له جانبان في العلاج ويمكن علاجه بطريقتين مختلفتين:

– الأول علاج كيمائي طبي من خلال الأدوية والعقاقير

– الثاني علاج نفسي من خلال تغيير القناعات والتصورات  

وفي الحالات المتقدمة والحادة يمكن للمتخصص اعتماد الطريقتين معا  في العلاج

فنحن ننصحك بما يلي حتى تتمكني من تجاوز هذه الحالة النفسية:

1-  ينبغي على هذه الشابة أن تخفف من نظرة الاحتقار إلى نفسها، من خلال النظر إلى الجوانب المشرقة في الحياة (ذكريات جميلة، أصدقاء، حب الأقارب…)؛ ويجب الابتعاد عن أن تظن أنه لا شيء إيجابي في الحياة ؛ فالمكتئب يميل إلى ذلك غالباً.

2-  يستمد المسلم نظرته العالية لنفسه من نظرة الله تعالى له، يجب أن تتذكر أن الانسان عزيز على الله لمجرد أنه إنسان بالإضافة إلى أنه مسلم، وأن الله شرفه عندما ميزه عن سائر خلقه من البهائم والجمادات (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وأن حياته التي يفكر في إنهائها بالانتحار المحرم هي غالية عند الله (لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم).

3-  كما ميز الله هذه الشابة بأن اختصها بالإسلام من بين كثير من الناس، فقد ميزها بنعم كثيرة أخرى عقلها ومنطقها الذي استطاعت من خلاله أن تتواصل معنا وأن تعرض مشكلتها علينا وكتابتها بأسلوب واضح ومبين.

4- أما أسرتها التي تشتكي منها، فيجب أن تعلم أن هناك مجموعة من الشباب يحلمون بتوفرهم على أسرة ولو كانت سيئة. وفي كل نقمة نعمة. وفي كل بلاء عافية. يجب أن تستشعر هذه الشابة نعم الله عليها، فإن استشعار النعمة هو ايضا نعمة، وكما نقول دائما لشبابنا، تذكر دائما أنه “مهما كانت حالتك ووضعك سيئا فإن هناك دائماً من هو أشقى منك”.

5- من الأمور التي تزيد من الاكتئاب ومن النظرة السلبية للنفس، الفراغ القاتل، وعدم وجود إنجاز أو عطاء للإنسان. فالإنسان يشعر بالسعادة عندما يعطي أكثر من شعوره بالسعادة عندما يأخذ، فنحن ننصها بالانخراط في نادي للأنشطة اليدوية أو ان تنظم إلى جمعية ثقافية أو تنموية تقوم بأنشطة اجتماعية أو تقوم بالتسجيل في نادي رياضي حتى تشغل وقتها وتتعرف على إمكانياتها الذاتية وقدراتها الذهنية وتتواصل مع أشخاص جدد تحبهم ويحبونها.

 6- عندما نجعل لنا أهدافاً في الحياة فإننا نضيف إلى حياتنا معنى حقيقي. والله قد رسم لنا الهدف العام وبقي أن نرسم لأنفسنا مجموعة من الاهداف الخاصة الذي نحقق بها ذلك الهدف العام. يجب على هذه الفتاة أن تنظر إلى نفسها وفكرها ماذا يمكن أن تقدم للمجتمع عامة وللمحيط، كيف يمكن أن يستفيذ من هم من حولها من قدراتها المعرفية والوجدانية، وما الذي تريد أن تجعل حياتها كلها لها، وأن تبتعد عن نظرات الإحباط والتشاؤم على أنها فاشلة وغير قادرة على الانتاج، فهي أفكار سلبية تطغى على الفكر فتكون مدمرة للشخصية.

7- الإنسان مخلوق ضعيف، وهو بحاجة ماسة إلى سند قوي يستند إليه، فعندما يكون طفلاً فإنه يرى في أمه ذلك الشخص القوي، فإذا ما كبر أكثر رأى في والده الإنسان القوي الذي يركن إليه، وإذا ما كبر أكثر جعل من علاقاته وأصدقائه مصدرا يستمد منه قوته وشخصيته، ولكنه عندما يكبر أكثر وأكثر ويعلم الدنيا على حقيقتها فإنه يتأكد له أن لا قوي مطلق إلا الله، وأن الإنسان كلما استغنى عن الله زاد ضعفه فلا قوة بغير الله، فنحن ننصح هذه الشابة بأن تستعين به سبحانه وتعالى، وأن تعود إليه وتتذكر دائماً أن بذكره تطمئن القلوب وبمعيته يأمن الخائف، والله قريب مجيب، ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) فلابد من إعادة بناء علاقتها مع الله حتى تسعد بحياتها.

Yassine SOUIDI

أضف تعليق

انقر هنا لإضافة تعليق