القيم البانية

تعريفات القيم

تتنوع وتتعدد تعريفات القيم تبعا للإطار المرجعي الذي يخضع له الباحث، ولذا فإن هناك العديد من التعريفات الخاصة بالقيم والتي تنبع من اعتبارها موجهات السلوك أو العمل، ومعنى ذلك أن مجموعة القيم التي يعتنقها شخص من الأشخاص هي التي تحركه نحو العمل، وتدفعه إلى السلوك بطريقة خاصة، بلل وتتخذ القيم مرجعا للحكم على السلوك سواء أكان مرغوبا فيه أو مرغوبا عنه. وفيما يلس بعض هذه التعريفات:

أولا: يؤكد بارسونز Parsons على أن القيم عنصر لنسق رمزي مشترك يعتبر معيارا أو مستوى للإختيار بين بدائل التوجيه التي تظهر في المواقف المختلفة، فالقيم عند بارسونز تمثل محورا من محاور واقعية السلوك. وبالتالي فالقيم هي أنماط ثقافية شاملة ذات جذور في التقاليد الدينية وهي بذلك تظل محافظة على استقرارها.

ثانيا: يعرف روكيش Rokeach  القيم بأنها عبارة عن “اعتقاد دائم بأن نمطا معينا من السلوك أو حالة غائية من الوجود متصل شخصيا واجتماعيا”، فالقيم في نظره هي معايير مثالية توجه السلوك من داخل الفرد أي أنها في جوهرها شخصية في حين أن المعايير الاجتماعية تمثل قواعد أو توقعات من الجماعة لسلوك أو اتجاه معين، أي أن مصدرها جماعة وليس الفرد.

ثالثا: وتعرف القيم بأنها مجموعة من الأحكام المعيارية المتصلة بمضامين واقعية يتشربها الفرد من خلال انفعاله وتفاعله مع المواقف والخبرات المختلفة، ويشترط أن تنال هذه الأحكام قبولا من جماعة اجتماعية معينة حتى تتجسد في سياقات الفرد وسلوكه واتجاهاته ومعتقداته. فالقيم ما هي إلا محصلة تفاعل الإنسان، بإمكانياته الشخصية، مع متغيرات اجتماعية وثقافية معينة، لذلك فإنها محدد أساسي من المحددات الثقافية للمجتمع.

فالقيم هي تصورات عامة لما هو مرغوب فيه علي مستوى أكثر عمومية، كما تشير إلى ذلك، فالمثل الأعلى لا يتحقق إلا بالقدرة على العمل والعطاء ونقاوة النفس وسماحة القلب والإرادة الخيرة. فالقيم تتناول سلوك الأفراد، وهي بهذا المعني من الوسائل الهامة في التمييز بين أنماط حياة الأفراد والجماعات.

فالقيم، بصورة مطلقة، يراد بها المثل العليا التي ينشدها الإنسان لذاتها ولا يلتمسها لغرض يبتغيه من ورائها، ولأن الأشياء التي يطلبها الإنسان لتحقيق أغراض معينة تعتبر نسبية ومتغيرة.

رابعا: يعرفها وليم روبن Robin  في الموسوعة الدولية للعلوم الاجتماعية بأنها “إدراك للمرغوب فيه وسلوك تأثيري مختار”، ويرجع مصطلح القيم إلى الفوائد والأفضليات والواجبات والالتزامات الأخلاقية والاحتجاجات، فالقيم توجد في نواحي متنوعة من السلوك. فمصطلح القيم يستخدم في معنيين منفصلين: فقد يشير للتقييم المحدد لأي شيء أو موضوع يتم تقديره أو تقييمه، والمعنى الثاني يعود بالقيمة إلى المعايير والمستويات التي يتم عن طريقها التقييم، فالقيمة كمعيار للتقييم تصبح هامة جدا في الأغراض المختلفة للتحليل العلمي والاجتماعي.

خامسا: يمكن اعتبار القيمة على أنها الحكم الذي يصدره الإنسان على الشيء ما مهتديا بمجموعة من المبادئ والمعايير التي وضعها المجتمع الذي يعيش فيه والذي يحدد المرغوب فيه والغير المرغوب. كما أن هناك من يرون أن القيم ما هي إلا عنصر التفضيل للاختيار بين الأشياء، أو أنها علم السلوك التفضيلي. وهناك من يتحدث عن القيم كتقديرات لمعاني وأهمية الأشياء والأعمال والعلاقات اللازمة لإشباع احتياجات الفرد الفسيولوجية والاجتماعية، كما أنها اتجاهات تقويمية أو تقويما لاتجاهات متقاربة. وأخيرا فإن القيم تمثل الأمور التي تتجه نحوها رغباتنا واتجاهاتنا.

سادسا: القيم مجموعة من المعايير التي تحقق الاطمئنان للحاجات الإنسانية ويحكم عليها الناس بأنها حسنة، ويكافحون لتقديمها إلى الأجيال القادمة ويحرصون على الإبقاء عليها. كما أن القيمة يمكن تعريفها بأنها فعل اجتماعي نمطي مقبول اجتماعيا وثابت نسبيا، ذو صفة معيارية في توجيه سلوك الأفراد والجماعات نحو إشباع حاجاتهم بطريقة جماعية.

سابعا: هناك من يعتبر أن القيم هي عبارة عن حقائق أساسية هامة في البناء الاجتماعي وعلم الاجتماع وهي لذلك تعالج وجهة النظر السوسيولوجية على أنها عناصر بنائية تشتق أساسا من التفاعل الاجتماعي والتوجيه القيمي يرتبط به الفرد ويؤثر على سلوكه فالفرق بين التوجيه القيمي والقيمة يكون على أساس أن الأول: التوجيه القيمي يركز على الفرد، بينما تشير القيمة إلى الجماعة.

لقد تعددت التعريفات والفهوم للقيم والقيمة، لكن إجمالا يمكن تلخيصها في أن القيم عملية اجتماعية فردية، وبالتالي فهي المثاليات التي تسود في الأفراد وتتغلغل في نفوسهم ويتوارثها الأجيال ويدافعون عنها قدر الإمكان.

Yassine SOUIDI

أضف تعليق

انقر هنا لإضافة تعليق